حضرموت - خاص: يعد منفذ الوديعة البري على الحدود اليمنية السعودية، أهم شراين الحياة لملايين اليمنيين، والبوابة الكبرى نحو العالم الخارجي -بحكم حالة الاحتراب التي تشهدها البلاد منذ نحو سبع سنوات- خاصة في ظل إغلاق كافة المنافذ البرية والكثير من المنافذ البحرية والجوية الأخرى، فضلا عن كونه واحد من أهم القطاعات الإيرادية التي تغذي الدولة وتعزز الاقتصاد الوطني.
وعلى الرغم من الأهمية الكبرى التي يتمتع بها منفذ الوديعة، باعتباره شريان الحياة التي يمر عبرها ملايين المسافرين من وإلى اليمن، وتمر منه الناقلات التجارية والبضائع والمواد والأدوية والقوافل الغذائية والمساعدات الإنسانية وغيرها، إلا انه تحول بفعل مديره "مطلق الصيعري" الذي عفى عنه الزمن وتجاوزته مراحل الفساد، إلى حفرة عميقة من الفساد والابتزاز والجباية والممارسات غير القانونية .
حيث اشتكى مئات السائقين واصحاب مكاتب النقل من الممارسات الابتزازية وعمليات الفساد التي تحدث في ميناء الوديعة البري بقيادة "مطلق الصيعري" الذي يرزح في منصبه منذ ما يزيد عن خمس سنوات رغم تقارير الفساد وشكاوي المسافرين المستمرة منذ 2016 والى اليوم، من سوء الخدمات وتوغل الفساد والابتزاز والجبايات التي يعاني منها المسافرين والتجار واصحاب شاحنات النقل الكبيرة والصغيرة وباصات النقل الجماعي وغيرها .
ومنذ مايزيد عن خمس سنوات تتوالى الشكاوي ويتصاعد الغضب الشعبي من توسع بؤرة الفساد في منفذ الوديعة، إذ يؤكد سائقو الشاحنات تعرضهم للابتزاز واجبارهم على دفع مبالغ مالية خارج الأطر القانونية وبدون سندات رسمية، تذهب جميعها بأرقام فلكية الى حسابات خاصة لمدير المنفذ مطلق الصيعري، فضلا عن مبالغ اخرى يتم تحصيلها بسندات رسمية والتي وصلت خلال العام الماضي الى ما يزيد عن 22 مليار ريال .
المنفذ الذي يشهد جبايات غير رسمية، وفرض رسوم غير قانونية تحول منذ تولي الصيعري شؤون المنفذ إلى أحد أهم أوكار الفساد والعبث بالمال العام داخل مؤسسات الحكومة الشرعية، الامر الذي تؤكده الوثائق والتسريبات وشهادات المواطنين والتجار والعابرين من المنفذ ذهاباً واياباً..إذ بلغ حجم الفساد في منفذ الوديعة خلال الفترة من يانير إلى نوفمبر الماضي بحسب تقديرات ووثائق إلى ما يزيد عن 2 مليار ريال سنويا .
مكاتب التخليص والنقل اشتكوا من رفع الرسوم غير الرسمية عليهم من25 الف ريال عن كل مكتب إلى70 الف ريال خلال نوفمبر الماضي؛ فضلا عن جباية يتم فرضها على باصات النقل الجماعي بواقع400 ريال عن كل باص دون سندات رسمية ما يساوي ازيد من5 مليون ريال ونصف سنويا، إضافة إلى5800 عن كل باص مغادر(200 ريال لكل راكب) ما يساوي اكثر من 41 مليون ريال سنويا، إضافة إلى 8700 ريال عن كل باص واصل الى اليمن (300 ريال لكل راكب) بما يزيد عن 62 مليون ريال سنويا ..
الى جانب فرض جباية تصل الى 400 ريال سعودي عن كل باص نقل جماعي بمتوسط 40 باص يوميا، ما يقدر ب480 الف ريال سعودي شهريا، وهو مبلغ يزيد عن5,8 مليون ريال سعودي سنويا؛ فضلا عن فرض جبايات اخرى تحت مسمى غرامات تصل الى اكثر من50 الف ريال يمني عن كل باص تزيد حمولته عن29 راكب.. ما يعني أن الصيعري يجبي ما يزيد عن6 مليون ريال سعودي و105 مليون ريال يمني سنويا من باصات النقل الجماعي فقط .
كما اكدت الشواهد والأرقام، جباية الصيعري من خلال الوسائل الخلفية والرسوم غير القانونية، ما يزيد عن مليون ونصف ريال يمني يوميا، بمتوسط يزيد عن 36 مليون ر.ي شهريا بما يساوي 440 مليون ريال يمني سنويا، من عمليات الفساد والابتزاز التي يمارسها بحق سائقي شاحنات النقل الثقيل والمتوسط -القادمة الى اليمن والمغادرة الى المملكة- ، وهي تلك التي فصلها
حيث اشتكى سائقو شاحنات النقل الثقيل (القواطر) من فرض مطلق الصيعري رسوم تصل إلى 8500ر.ي عن كل شاحنة محملة داخلة اليمن -بمتوسط 100 شاحنة يوميا- ما يعني أن اجمالي ما يتقاضاه الصيعري خارج السندات الرسمية850 الف يوميا 25 مليون شهريا 306 مليون ريال يمني سنويا، من شاحنات النقل الثقيل القادمة إلى الداخل فقط .
كما يتحصل الصيعري عبر طرق خلفية استحدثها لنفسه وموظفيه 8700 ريال عن كل شاحنة مغادرة اليمن، بأكثر من261 ألف ريال يوميا- نحو8 مليون ريال شهريا بما يعادل94 مليون ريال سنويا، فضلا عن رسوم اخرى تصل إلى5500 ر.ي عن كل دينا -شاحنات نقل متوسط- محملة داخلة اليمن، بمتوسط 20 دينا يوميا، وهو ما يساوي110 الف ريال يوميا، أي ما يزيد عن 3 مليون ريال شهريا، وهو ما يعني تقاضيه نحو40 مليون ريال تقريبا بالسنة من الدينات فقط .
لم يتوقف فساد الصيعري على ابتزاز شاحنات وباصات النقل والمسافرين فحسب، بل ذهب الى ما هو ابعد من ذلك، إذ يتحصل على ما يزيد عن10 مليون ريال سنويا، بحسب التقديرات مقابل تجديد التراخيص بطريق ملتوية وخارج الأطر القانونية، فضلا عن تمرير الشاحنات المحملة بالعفش المستخدم بمقابل مالي يتراوح بين 50 الى 80 الف ريال دون تفتيشها، فضلا عن تقاضيه رشاوي من سائقين أجانب تصل الى اكثر من 3 الف ريال سعودي مقابل السماح لهم بالعبور قبل غيرهم (دون انتظار قد يصل الى 30 يوم وأكثر) .
هذا وتضمن الفساد الذي يمارسه مدير منفذ الوديعة مطلق الصيعري فرض رسوم إضافية على ميزان وزن الشاحنات - وهو ميزان غير مملوك للدولة بل لشخص من أقربائه ويبدو أنه شريكاً فيه- بواقع 10 الف ريال عن كل شاحنة -صادر أو وارد- إضافة للسماح للحمولات غير النظامية بالمرور مقابل مبالغ مالية تزيد عن100 الف ريال، بمتوسط 39 مليون ريال شهريا - 468 مليون ريال سنويا من الميزان فقط ..
وإضافة إلى أن هذا الميزان غير مملوك للدولة وتم استحداثه بعد تولي "مطلق الصيعري" لإدارة المنفذ، فإن وجوده -أي الميزان- مخالفا للقانون الذي يمنع إنشاء وتركيب محطات وزن خاصة،وهو أمر تختص به وزارة الأشغال العامة والطرقات وليس وزارة النقل التي رفض الصيعري التوجيهات الصادرة عنها والتي تنص على إعفاء الصادرات اليمنية من الأوزان كون تلك الشاحنات مغادرة ولا يتعلق باستخدامها الطرق اليمنية، الا ان الصيعري مستمر بفرض جبايات خاصة على كافة المنتجات بما فيها اليمنية.
وعلى الرغم من الشكاوي المتلاحقة وتدخل وزارة النقل بمنع فرض اي رسوم على المنتجات المحلية وتعهد الصيعري في مذكرة رسمية في فبراير 2019 بعدم فرض اي رسوم على الصادرات اليمنية، الا انه ظل وما يزال يتقاضى الجبايات على كافة الشاحنات المغادرة، تحت مسميات مختلفة ابرزها الميزان والدكة والغرامات .. الخ، بدون سندات رسمية او غطاء قانوي .
هامور الفساد كما يصفه البعض مطلق الصيعري ايضا قام بفرض جبايات اخرى على ما يسمى ب(الدكة)، بواقع 10 الف ريال عن كل شاحنة -سواء تم تفتيشها أو لم يتم- بمتوسط 100 قاطرة يوميا بما يساوي 30 مليون ريال شهريا 360 مليون ريال سنويا، فضلا عن عمليات التفتيش التي يتم احتساب اجور عمال التفريغ والتحميل على حساب صاحب الشاحنة او الدينة .
ذلك فضلا عن التعسفات والمماطلات التي انتهجتها سياسة الصيعري في منفذ الوديعة تجاه سائقي الشاحنات وتأخير معاملاتهم، بهدف الابتزاز والجباية، اذ اشتكى عدد منهم من عمليات الابتزاز تلك، مؤكدين أن العاملين في المنفذ يأتون إليهم ليلا ليطلبوا منهم مبالغ مالية كبيرة تصل الى ما يزيد عن 4 الف ريال سعودي مقابل السماح لشاحناتهم بالعبور دون تأخير او إجراءات بيروقراطية.
إضافة الى قيام الصيعري بتصرفات خاصة ومخالفة للقانون في تأجير الأراضي ومنح التراخيص للمكاتب وفرض رسوم إضافية على الكهرباء والنظافة، فضلا عن فرض رسوم على مكاتب التخليص الجمركي تصل الى 40 ألف ريال شهريا تحت مسمى الخدمات، واجبار المكاتب على دفع رواتب 6 موظفين بواقع 60 الف ريال شهريا مقابل النظافة بمغدل شهري يصل الى 360 الف ريال شهريا؛ فضلا عن إنشاءه 5 مكاتب تخليص جمركي خاصة به يديرها مع شقيقه ملهي الصيعري بدون تراخيص رسمية .
والبنظر الى حالة الفوضى والابتزاز واستمرار شكاوي السائقين والمسافرين من الفساد الممنهج الذي يشهدها منفذ الوديعة البري، منذ 2016 والى اليوم، الا أن الحكومة الشرعية لم تتخذ أي إجراءات عقابية رادعة تجاه ما يحدث في الوديعة، وسط مساعي رئيس الوزراء واللجنة الاقتصادية العليا، تعزيز الإيرادات والقضاء على الفساد، وهو ما يكمن في مطلق الصيعري الذي ينهب ويختلس ما يزيد عن 2 مليار ريال سنويا أمام انظار الجميع .